من محاضرة لفضيلة الشيخ : محمد إسماعيل المقدم في تفسير قول الله تعالى :
[ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فيِ كَبَدٍ ]
قال العلماء : " أول ما يكابد قطع سُرته , ثم إذا قُمط قماطاً وشد رباطاً يكابد الضيق والتعب , ثم
يكابد الارتضاع ولو فاته لضاع , ثم يكابد نبت أسنانه وتحرك لسانه , ثم يكابد الفطام الذي هو أشد
من اللطام , ثم يكابد الختان والأوجاع والأحزان , ثم يكابد المعلم وصولته , والمؤدب وسياسته ,
والأستاذ وهيبته , ثم يكابد شغل التزويج والتعجيل فيه , ثم يكابد شغل الأولاد والخدم والأجناد , ثم
يكابد شغل الدور وبناء القصور , ثم يكابد الكبر والهرم وضعف الركبة والقدم , في مصائب يكثر
تعدادها , ونوائب يطول إيرادها من صداع الراس ووجع الأضراس , ورمد العين وغم الدَين ,
ووجع السن وألم الأُذن , ويكابد محناً في المال والنفس مثل الضرب والحبس , ولا يمضي عليه يوم
إلا يقاسي فيه شدة ولا يكابد إلا مشقة ثم الموت بعد ذلك كله ثم مسائلة المَلك , وضغطة القبر
وظلمته , ثم البعث والعرض على الله إلى أن يستقر به القرار إما في الجنة وإما في النار فلو كان
الأمر إليه لما اختار هذه الشدائد ودل هذا على أن له خالقاً دبره , وقضى عليه بهذه الأحوال ,
فليمتثل أمره .
منقول